أسباب مرض جريفز وأعراضه

جريفز وأسبابه: مرض الغدة الدرقية المناعي

يعد مرض جريفز من أكثر أمراض الغدة الدرقية شهرة وانتشارًا على مستوى العالم. يمثل هذا المرض اضطرابًا مناعيًّا ذاتيًا يؤدي إلى زيادة إفراز هرمونات الغدة الدرقية بشكل مفرط، مما يؤثر على العديد من وظائف الجسم. يعرف مرض جريفز بالزيادة في مستوى هرمونات الغدة الدرقية، مما يعزز الأيض ويؤدي إلى أعراض مثل فقدان الوزن، تسارع ضربات القلب، الأرق، وزيادة التعرق. يصنف هذا المرض من أمراض المناعة الذاتية، حيث يهاجم جهاز المناعة الغدة الدرقية مما يؤدي إلى اضطراب في وظائفها. في هذا المقال، سوف نتناول أسباب مرض جريفز، أعراضه، كيفية تشخيصه، العلاجات المتاحة، بالإضافة إلى تأثيراته الصحية طويلة المدى.

ما هو مرض جريفز؟

مرض جريفز هو نوع من اضطرابات الغدة الدرقية حيث يحدث نشاط مفرط للغدة الدرقية بسبب وجود خلل في جهاز المناعة. يحدث هذا المرض عندما يهاجم الجهاز المناعي الغدة الدرقية ويحفزها على إفراز كميات زائدة من هرمون الثيروكسين (T4) وهرمون ثلاثي يودوثيرونين (T3)، مما يؤدي إلى تسريع العمليات الحيوية في الجسم، مثل الأيض، ضربات القلب، وحرق الدهون. وبالتالي، يسبب المرض في العديد من الأعراض التي تؤثر على النشاط اليومي للشخص.

أسباب مرض جريفز

مرض جريفز هو اضطراب مناعي ذاتي، مما يعني أن جهاز المناعة في الجسم يهاجم الأنسجة السليمة، في هذه الحالة الغدة الدرقية. ما زالت الأسباب الدقيقة وراء هذا الهجوم المناعي على الغدة الدرقية غير معروفة بشكل كامل، ولكن هناك مجموعة من العوامل التي يمكن أن تسهم في الإصابة بهذا المرض:

1. العوامل الوراثية
   تعد العوامل الوراثية من أبرز الأسباب المحتملة لمرض جريفز. تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بمرض جريفز أو أي أمراض مناعية أخرى مثل التهاب المفاصل الروماتويدي أو مرض السكري من النوع الأول، هم أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض. يمكن أن يكون للوراثة دور في تعزيز استجابة جهاز المناعة بطريقة غير طبيعية.

2. العوامل البيئية
   إلى جانب العوامل الوراثية، يمكن أن تلعب العوامل البيئية دورًا كبيرًا في تطوير مرض جريفز. على سبيل المثال، التوتر النفسي المستمر والمزمن قد يساهم في تحفيز جهاز المناعة لبدء الهجوم على الغدة الدرقية. كما أن بعض العدوى الفيروسية قد تحفز جهاز المناعة وتؤدي إلى حدوث تفاعلات غير طبيعية مع الغدة الدرقية. من العوامل البيئية الأخرى التي قد تزيد من خطر الإصابة مرض جريفز هو التدخين.

3. الهرمونات
   يعتبر تأثير الهرمونات أحد العوامل الهامة في الإصابة بمرض جريفز، حيث تشير الدراسات إلى أن النساء في سن الإنجاب هن الأكثر عرضة للإصابة بهذا المرض. هذا يشير إلى أن التغيرات الهرمونية التي تحدث خلال الحمل أو بعد الولادة أو بسبب وسائل منع الحمل قد تؤدي إلى زيادة القابلية للإصابة بمرض جريفز.

4. الاضطرابات المناعية
   بما أن مرض جريفز هو أحد أمراض المناعة الذاتية، فإن الإصابة بأمراض مناعية أخرى مثل التهاب المفاصل الروماتويدي أو مرض السكري من النوع الأول قد يزيد من احتمالية الإصابة به. يهاجم جهاز المناعة في هذه الأمراض الأنسجة السليمة، وفي حالة جريفز، تستهدف الأجسام المضادة خلايا الغدة الدرقية، مما يؤدي إلى زيادة إفراز الهرمونات.

5. التدخين
   أظهرت الدراسات أن التدخين يعد من العوامل الرئيسية التي تزيد من خطر الإصابة بمرض جريفز. قد يؤدي التدخين إلى تحفيز جهاز المناعة وزيادة الالتهابات في الجسم، مما يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المناعية.

6. التعرض للإشعاعات
   في بعض الحالات، قد يرتبط مرض جريفز بالتعرض للإشعاع، خاصة في منطقة الرقبة حيث توجد الغدة الدرقية. الأشخاص الذين تعرضوا للإشعاع في معالجة بعض الأمراض قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بمشاكل في الغدة الدرقية، بما في ذلك مرض جريفز.

أعراض مرض جريفز

تتعدد أعراض مرض جريفز، وقد تكون شديدة التفاوت من شخص لآخر. تشمل الأعراض الشائعة لهذا المرض:

1. زيادة في معدل ضربات القلب: من الأعراض الشائعة التي قد يشعر بها الشخص المصاب بمرض جريفز هي تسارع ضربات القلب، والتي قد تصل إلى أكثر من 100 نبضة في الدقيقة.

2. فقدان الوزن غير المبرر: على الرغم من أن الشخص المصاب بمرض جريفز قد يأكل بشكل طبيعي أو أكثر من المعتاد، إلا أنه يعاني من فقدان الوزن نتيجة تسريع الأيض في الجسم.

3. التعرق الزائد: بسبب زيادة النشاط الأيضي في الجسم، يعاني المريض من التعرق الزائد والمستمر، حتى في الطقس البارد.

4. التعب والضعف العام: على الرغم من وجود نشاط مفرط في الأيض، إلا أن الأشخاص المصابين بمرض جريفز يشعرون بالتعب الشديد والضعف الجسدي.

5. صعوبة النوم (الأرق): يعاني الأشخاص المصابون بمرض جريفز من الأرق المستمر بسبب تسارع وظائف الجسم التي تسبب الشعور بالتوتر.

6. تهيج العينين: يتسبب مرض جريفز في بعض الأحيان في مشكلة صحية تعرف باسم “اعتلال العين الجراوي” (Graves’ ophthalmopathy)، حيث يعاني الشخص من انتفاخ وتهيج العينين، وقد يؤدي ذلك إلى الشعور بالألم أو الجفاف في العينين، وفي بعض الحالات قد يؤدي إلى ضعف في الرؤية.

7. تورم في الرقبة: بسبب التضخم في الغدة الدرقية (التي تعرف باسم الدراق)، قد يشعر الشخص بتورم في منطقة الرقبة، مما قد يؤدي إلى صعوبة في البلع أو التنفس.

تشخيص مرض جريفز

تشخيص مرض جريفز يتطلب مجموعة من الفحوصات الطبية التي تساعد الأطباء في تحديد ما إذا كان الشخص مصابًا بالمرض. تبدأ العملية عادةً من خلال فحص الأعراض السريرية، مثل تسارع ضربات القلب وفقدان الوزن، ومن ثم يقوم الطبيب بإجراء بعض الفحوصات المخبرية لتأكيد التشخيص. وتشمل هذه الفحوصات:

1. اختبار مستوى هرمونات الغدة الدرقية: يتم فحص مستوى هرموني T3 وT4 في الدم، حيث يتسبب مرض جريفز في زيادتهما بشكل ملحوظ.

2. اختبار الأجسام المضادة: يمكن اكتشاف الأجسام المضادة الخاصة بمرض جريفز، مثل الأجسام المضادة لمستقبلات TSH، والتي تشير إلى وجود المرض.

3. الموجات فوق الصوتية للغدة الدرقية: قد يتم إجراء فحص بالموجات فوق الصوتية للتحقق من وجود أي تورم أو زيادة في حجم الغدة الدرقية.

4. التصوير بالأشعة السينية للعينين: في حالة وجود أعراض مرتبطة بالعيون، مثل الانتفاخ أو التورم، قد يتم طلب فحص بالأشعة السينية أو الأشعة المقطعية لتقييم حالة العينين.

علاج مرض جريفز

يعد علاج مرض جريفز من أهم الخطوات التي يجب اتخاذها لإعادة التوازن إلى الجسم والسيطرة على الأعراض. تشمل خيارات العلاج التي يمكن استخدامها ما يلي:

1. العلاج بالأدوية: الأدوية المضادة للغدة الدرقية هي الخيار الأول لعلاج مرض جريفز. تشمل هذه الأدوية ميثيمازول و Propylthiouracil (PTU)، التي تعمل على تقليل إفراز هرمونات الغدة الدرقية.

2. اليود المشع: يعد العلاج باليود المشع أحد الطرق الفعّالة في تقليص حجم الغدة الدرقية. يتم تناول اليود المشع عبر الفم، حيث يذهب إلى الغدة الدرقية ويقوم بتدمير الأنسجة المفرطة النشاط.

3. الجراحة: في بعض الحالات النادرة، قد يكون من الضروري إزالة جزء من الغدة الدرقية أو الغدة بأكملها باستخدام جراحة.

4. العلاج بالأدوية للعينين: في حالة وجود أعراض متعلقة بالعيون، مثل الجفاف أو الالتهاب، قد يتم استخدام قطرات العين أو الأدوية المضادة للالتهابات لتخفيف الأعراض.

التأثيرات الصحية طويلة المدى لمرض جريفز

قد يسبب مرض جريفز تأثيرات صحية طويلة المدى على الجسم إذا لم يتم معالجته بشكل مناسب. من بين هذه التأثيرات:

1. مشاكل في القلب: قد يؤدي تسارع ضربات القلب المستمر إلى زيادة خطر الإصابة بمشاكل قلبية طويلة المدى، مثل فشل القلب أو السكتة القلبية.

2. الضعف العظمي: يمكن أن يزيد من خطر الإصابة به